كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



ثم قال جل وعز: {أفبنعمة الله يجحدون} أي أفأن أنعم الله عليهم جحدوا بالنعمة وجعلوا ما رزقهم لغيره وقيل المعنى أفأن أنعم عليهم بالبيان والبراهين جحدوا نعمه.
قال الضحاك هذا المثل لله جل وعز وعيسى أي أنتم لا تفعلون هذا بعبيدكم بعد فكيف ترضون لي باتخاذ بشر ولدا تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا.
وقوله جل وعز: {والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا} روى سعيد عن قتادة في قوله والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا قال خلق حواء من ضلع آدم وقال غيره جعل لكم من أنفسكم أزواجا أي من جنسكم.
ثم قال جل وعز: {وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة} روى سفيان الثوري عن عاصم عن زر عن عبد الله بن مسعود قال الحفدة الأختان وروى سفيان بن عيينة عن عاصم عن زر عن عبد الله قال الحفدة الأصهار وروى شعبة عن زر قال سألني ابن مسعود عن الحفدة فقلت هم الأعوان قال هم الأختان وقال علقمه وأبو الضحى الحفدة الأختان وقال إبراهيم الحفدة الأصهار قال أبو جعفر وقد اختلف في الأختان والأصهار فقال محمد بن الحسن الختن الزوج ومن كان من ذوي رحمه والصهر من كان من قبل المرأة نحو أبيها وعمتها وخالها.
وقال ابن الأعرابي ضد هذا في الأختان والأصهار وقال الأصمعي الختن من كان من قبل المرأة مثل أبيها وأخيها وما أشبههما والأصهار منهما جميعا يقال أصهر فلان إلى بنى فلان وصاهر وقول عبد الله بن مسعود هم الأختان يحتمل المعنيين جميعا يجوز أن يكون أراد أبا المرأة وما أشبه من أقربائها ويجوز أن يكون أراد وجعل لكم من أزواجكم بنين وبنات تزوجونهم فيكون لكم بسببهن أختان وقد قيل في الآية غير هذا قال عكرمة الحفدة ولد الرجل من نفعة منهم وقال الحسن وطاووس ومجاهد الحفدة الخدم.
قال أبو جعفر وأصل الحفدة في اللغة الخدمة والعمل يقال حفد يحفد حفدا وحفودا وحفدانا إذا خدم وعمل ومنه وإليك نسعى ونحفد ومنه قول الشاعر:
حفد الولائد حولهن وأسلمت ** بأكفهن أزمة الأجمال

وقول من قال هم الخدم حسن على هذا إلا إنه يكون منقطعا مما قبله عند أبي عبيد وينوي به التقديم والتأخير كأنه قال وجعل لكم حفدة أي خدما وجعل لكم من أزواجكم بنين.
وقوله جل وعز: {ويعبدون من دون الله ما لا يملك لهم رزقا من السماوات والأرض شيئا}.
أي: لا يملكون أن يرزقوهم شيئا.
ثم قال جل وعز: {ولا يستطيعون فلا تضربوا لله الأمثال} قال الضحاك لا تعبدوا من دونه ما لا ينفعكم ولا يضركم ولا يرزقكم.
وقوله جل وعز: {ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شيء ومن رزقناه منا رزقا حسنا فهو ينفق منه سرا وجهرا} هذه الآية مشكلة وفيها أقوال قال مجاهد والضحاك هذا المثل لله جل ذكره ومن عبد من دونه وقال قتادة هذا المثل للمؤمن والكافر يذهب قتادة إلى أن العبد المملوك هو الكافر لأنه لا ينتفغ الذي في الآخرة بشيء من عبادته والى أن معنى ومن رزقناه منا رزقا حسنا المؤمن وقال بعض أهل اللغة القول الأول أحسن لأنه وقع بين كلامين لا نعلم بين أهل التفسير اختلافا إلا من شذ منهم انهما لله جل وعز وهما فلا تضربوا لله الأمثال وبعده وضرب الله مثلا رجلين أحدهما أبكم لا يقدر على شيء وهو كل على مولاه يعني الوثن لأنه كل على من عنده وثقل والمولى الولي.
ثم قال جل وعز: {هل يستوي هو ومن يأمر بالعدل وهو على صراط مستقيم} يعني نفسه جل وعز وكذا قال قتادة الله جل وعز يأمرنا بالعدل وهو على صراط مستقيم والمعنى على هذا في قوله جل وعز ضرب الله مثلا عبدا مملوكا أنه يعني به ما عبد من دونه لأنه لا يملك ضرا ولا نفعا ومن رزقناه منا رزقا حسنا فهو ينفق منه سرا وجهرا وهذا لله جل وعز لأنه الجواد الرزاق للأنسان من حيث يعلم ومن حيث لا يعلم وروى عن ابن عباس وهذا لفظه المروي عنه قال نزلت هذه الآية ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شيء في هشام بن عمرو وهو الذي ينفق منه سرا وجهرا ومولاه أبو الجواب الذي كان ينهاه وقيل نزلت في رجلين وضرب الله مثلا رجلين الأبكم منهما الكل على مولا أسيد بن أبي العاص والذي يأمر بالعدل وهو على صراط مستقيم هو عثمان بن عفان رحمة الله عليه كان عثمان يكفل مولاه فعثمان الذي ينفق بالعدل وهو على صراط مستقيم والآخر الأبكم وقال الحسن عبدا مملوكا هو الصنم وأولى الأقوال في هذا قول ابن عباس رواه عنه حماد بن سلمة عن عبد الله بن عثمان بن خثيم عن إبراهيم عن عكرمة عن ابن عباس فبين ابن عباس رحمه الله أن هذه الآية نزلت في عبد بعينه لم يكن له مال ولا يقال في كل عبد لا يقدر على شيء فنزلت فيه وفي سيد كان له مال ينفق منه وأن الآية الأخرى نزلت في رجل بعينه لم يكن له مال وكان كلا على مولاه أي ابن عمه أو قريبه وضرب الله هذه الأمثال ليعلم أنه إله واحد وأنه لا ينبغي أن يشبه به غيره ولا يصح قول من من قال إنه صنم لأن الصنم لا يقع عليه اسم عبد، وقوله جل وعز: {ولله غيب السماوات والأرض} أي علم ما غاب فيهما عن العباد ثم قال وما أمر الساعة إلا كلمح البصر أو هو أقرب قال قتادة هو أن يقول جل وعز كن فذلك كلمح البصر أو هو أقرب، وقال غيره المعنى أو هو أقرب عندكم ولم يرد أنها على هذا القرب وانما أراد أن يعرفنا قدرته.
69- وقوله جل وعز: {ألم يروا إلى الطير مسخرات في جو السماء} الجو الهواء البعيد وأبعد منه السكاك الواحدة سكاكة.
70- وقوله جل وعز: {والله جعل لكم من بيوتكم سكنا} أي موضعا تسكنون فيه.
71- ثم قال جل وعز: {وجعل لكم من جلود الأنعام بيوتا} يعني بيوت الأدم وما أشبهها والأنعام الإبل والبقر والغنم.
72- ثم قال تعالى: {تستخفونها يوم ظعنكم ويوم إقامتكم أي يخف عليكم حملها في سفركم وإقامتكم}.
73- ثم قال تعالى: {ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها أثاثا ومتاعا إلى حين} فالأصواف لأن للضأن الأوبار للإبل والأشعار للمعز قال قتادة الأثاث المال وقال الضحاك الأثاث المال والزينة والأثاث عند أهل اللغة متاع البيت نحو الفرش والأكسية، وقد أث يئث أثا إذ صار ذا أثاث قال أبو زيد واحد الأثاث أثاثه ثم قال تعالى: {ومتاعا إلى حين} روى معمر عن قتادة إلى أجل وبلغة.
74- وقوله جل وعز: {والله جعل لكم مما خلق ظلالا} يعني ظلالا الشجر والله أعلم.
75- ثم قال تعالى: {وجعل لكم من الجبال أكنانا} أي ما يكنكم الواحد كن.
76- ثم قال تعالى: {وجعل لكم سرابيل تقيكم الحر} روى معمر عن قتادة قال يعني قمص الكتان.
77- ثم قال تعالى: {وسرابيل تقيكم بأسكم} قال قتادة يعني الدروع، وروى عثمان بن عطاء عن أبيه قال إنما خوطبوا بما يعرفون قال جل وعز: {وجعل لكم من الجبال أكنانا} وما جعل لهم من السهل أكثر وأعظم ولكنهم كانوا أصحاب جبال وجعل لكم سرابيل تقيكم الحر وما يقي البرد أكثر ولكنهم أصحاب حر وقال الفراء يحي بن زياد المعنى تقيكم الحر وتقيكم البرد ثم حذف كما قال الشاعر:
فما أدري إذا يممت وجها ** أريد الخير أيهما يليني

والمعنى أي الخير والشر لأنه إذا أراد الخير أتقى الشر.
78- ثم قال تعالى: {كذلك يتم نعمته عليكم لعلكم تسلمون} روى عن ابن عباس لعلكم تسلمون وقال أي من الجراحات وإسناده ضعيف رواه عباد بن العوام عن حنظلة عن شهر بن حوشب عن ابن عباس وظاهر القرآن يدل على الإسلام لأنه عدد النعم ثم قال لعلكم تسلمون.
ثم قال جل وعز: {فإن تولوا فإنما عليك البلاغ المبين يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها} روى سفيان عن السدي قال يعني محمدًا صلى الله عليه وسلم قال أبو جعفر وهذا القول حسن والمعنى يعرفون أن امر النبي صلى الله عليه وسلم حق ثم ينكرونه وروى ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال يعني المساكين والأنعام وما يرزقون منها والسرابيل من الحديد والثياب أنعم الله بذلك عليهم فلم يشكروا وقالوا إنما كان لآبائنا وورثناها عنهم.
وقوله جل وعز: {ويوم نبعث من كل أمة شهيدا} يروى أن نبي كل أمة شاهد عليها.
وقوله جل وعز: {فألقوا إليهم القول إنكم لكاذبون} أي جحدتم آلهتهم كما قال تعالى: {سيكفرون بعبادتهم ويكونون عليهم ضدا}.
ثم قال جل وعز: {وألقوا إلى الله يومئذ السلم وضل عنهم ما كانوا يفترون} روى سعيد عن قتادة قال استسلموا وذلوا وضل عنهم ما كانوا يفترون أي يشركون.
وقوله جل وعز: {الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله زدناهم عذابا فوق العذاب} روى مسروق عن عبد الله قال زيدوا عقارب أنيابها كالنخل الطوال.
وقوله جل وعز: {ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء} روى أبان بن ثعلب عن مجاهد قال تبيانا للحلال من الحرام.
وقوله تعالى: {ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها} قال مجاهد يعني تغليظ اليمين، وقوله جل وعز: {ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا تتخذون أيمانكم دخلا بينكم أن تكون أمة هي أربى من أمة} هذه آية مشكلة تحتاج إلى تدبر قال قتادة الدخل الخيانة وقال غيره المعنى لا تحلفوا أو تؤكدوا عليكم الأيمان ثم تحنثوا فتكونوا كامرأة غزلت غزلا فأبرمته وقد وأحكمته ثم نقضته والأنكاث علي ما نقض من الخز والوبر وغيرهما ليغزل ثانية ومنه قيل ناكث وروى في التفسير أن امرأة يقال لها ربطة ابنة سعد كانت تغزل بمغزل كبير فإذا أبرمته وأتقنته أمرت جارتها فنقضته حتى قال الضحاك في قوله تعالى: {أن تكون أمة هي أربى من أمة} أي أكثر قال فأمروا بوفاء العهد وإن كانوا كثيرا وروى ابن أبى نجيح عن مجاهد قال كانوا يحلفون القوم ويعاهدونهم تعالى فإذا علموا أن غيرهم أكثر منهم وأقوى نقضوا عهدهم وحالفوا غيرهم فنهاهم الله جل ذكره عن ذلك والمعنى عند أهل اللغة لأن تكون أمة وبأن تكون أمة هي أربى من أمة أي هي أغنى وأكثر أي لا تعاهدوا قوما فإذا أمنوا نقضتم العهد ليكون أصحابكم أغنى وأقوى.
وقوله جل وعز: {من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون} روى عن أبن عباس أنه قال الحياة الطيبة الرزق الحلال ثم يصير إلى الله فيجزية فإن أجره بأحسن ما كان يعمل وروى عن ابن عباس رواه الحكم عن عكرمة عنه أنه قال الحياة الطيبة القناعة وروى ابن كثير عن سعيد بن جبير في قوله تعالى: {فلنحيينه حياة طيبة} قال في الآخرة يحييه حياه طيبة وروى عوف عن الحسن ليس لأحد حياة طيبة إلا في الجنة.
وقوله جل وعز: {فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم}. المعنى إذا أردت أن تقرأ وهذا كما تقول إذا أكلت فقل بسم الله ومثله في كتاب الله عز وجل يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة.
وقوله جل وعز: {إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون} روى ابن نجيح عن مجاهد قال سلطانه حجته قال والذين هم به مشركون يعدلونه برب العالمين وقال غير مجاهد لو كان المعنى على أنهم أشركوا بالشيطان لكانوا مؤمنين ولكن المعنى والذين والذين هم من أجله مشركون كما تقول صار فلان بك عالما أي من أجلك.
وقوله جل وعز: {وإذا بدلنا آية مكان آية} روى ابن أبي نجيح عن مجاهد قال رفعناها وجعلنا موضعها غيرها وقال غيره أي نسخنا آية بأية هي أشد عليهم منها قالوا إنما أنت مفتر أي كاذب فقال جل وعز: {إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله} أي الذي إذا رأوا آية لا يأتي بها إلا نبي كذبوا بها فهؤلاء أكذب الكاذبين.
وقوله جل وعز: {ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر لسان الذي يحلدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين} روى سفيان عن حبيب بن أبي ثابت عن عكرمة قال هو غلام لبني عامر بن لؤي يقال أرى له يعيش وروى علي بن الحكم عن الضحاك قال هو سلمان الفارسي رحمه الله وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد هو عبد الله بن الحضرمي وهو رومي كان يحسن الكتابة قال أبو عبيد وقال غير مجاهد أسمه جبر.
قال أبو جعفر وهذه الأقوال ليست بمتناقضة لأنه يجوز أن يكونوا أومأوا إلى هؤلاء جميعا وزعموا أنهم يعلمونه وأصل الألحاد في اللغة الميل.
وقوله جل وعز: {من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان} أهل التفسير أن هذه الآية نزلت في عمار بن ياسر رحمة الله لأنه قارب بعض ما ندبوه إليه.
ثم قال تعالى: {ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله} أي من فتح صدره لقبوله. وقوله جل وعز: {ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا ثم جاهدوا وصبروا} هذا كله في عمار والمعنى وصبروا على الجهاد.
وقوله جل وعز: {يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها} يروى أن كعبا قال لعمر بن الخطاب رحمه الله تزفر جهنم يوم القيامة زفرة فلا يبقى ملك مقرب ولا نبي مرسل إلا جثا على ركبتيه يقول يا رب نفسي حتى إن إبراهيم خليل الرحمن ليجثو على ركبتيه ويقول لا أسألك إلا نفسي ثم قال كعب إن هذا لفي كتاب الله وتلا يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها وقال غيره يدل على هذا يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه.
وقوله جل وعز: {وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة} روى معمر عن قتادة قال هي مكة، وقال غيره كان أهلها في أمن ودعة ثم ابتلاهم الله بالقتل والجوع سبع سنين قال تعالى: {فأذاقها الله لباس الجوع والخوف} وأصل الذوق بالفم ثم استعمل للابتلاء وللاختبار عمر.
وقوله جل وعز: {فمن اضطر غير باغ ولا عاد} قال أبو جعفر قد ذكرناه في سورة البقرة وروى عن ابن عباس أنه قال من أكل الميتة وهو غير مضطر إليها فهو باغ عاد وروى عن سعيد بن جبير ومجاهد أنهما قالا إذا أخاف السبيل وقطع الطريق لم تحلل له الميتة هذا معنى قولهما.
وقوله جل وعز: {ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام} قال مجاهد يعني البحائر والسيب.
وقوله جل وعز: {وعلى الذين هادوا حرمنا ما قصصنا عليك من قبل} قال قتادة هو قوله تعالى: {وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر}.
وقوله جل وعز: {إن إبراهيم كان أمة قانتا لله} روى الشعبي عن مسروق قال تلا عبد الله بن مسعود رحمه الله إن إبراهيم كان أمة قانتا لله فقال إن معاذ بن جبل كان أمة قانتا لله أتدرون ما الأمة هو الذي يعلم الناس الخير أتدرون ما القانت هو المطيع قال أبو جعفر لم يقل في هذه الآية أحسن من هذا لأنه إذا كان يعلم الناس الخير فهو يؤتم به وهذا مذهب أبي عبيدة والكسائي القنوت القيام فقيل للمطيع قانت لقيامه بطاعة الله وروى أبو يحيى عن مجاهد إن إبراهيم كان أمة قانتا لله قال كان مؤمنا وحده والناس كلهم كفار وقال بعض أهل اللغة يقوي هذا حديث النبي صلى الله عليه وسلم أنه ذكر زيد بن عمرو بن نفيل فقال كان أمة وحده وقوله وآتيناه في الدنيا حسنة قال مجاهد لسان صدق.
وقوله جل وعز: {إنما جعل السبت على الذين اختلفوا فيه} روى سعيد بن جبير عن قتادة قال أحله بعضهم وحرمة بعضهم وقال مجاهد تركوا الجمعة واختاروا السبت.
وقوله جل وعز: {أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن وجادلهم بالتي هي أحسن} هي منسوخة، وقوله جل وعز: {وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به} قال قتادة لما مثلوا بحمزة رضي الله عنه قال لنمثلن بهم فأنزل الله جل وعز هذه الآية وروى على بن الحكم عن الضحاك قال نزلت هذه الآية قبل القتال وقبل سورة براءة.
قال أبو جعفر وهذا القول أولى وقد قال زيد بن أسلم نحوه قال لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة أذن له في جهاد المشركين والغلظة عليهم ويدلك على أن هذا نزل بمكة قوله تعالى: {ولا تك في ضيق مما يمكرون} وأكثر مكرهم وحزنه صلى الله عليه وسلم عليهم كان بمكة فأما حديث أبي هريرة وابن عباس لما قتل حمزة رحمة الله عليه قال النبي صلى الله عليه وسلم لأمثلن بسبعين منهم فنزلت {وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به} فإسنادهما ضعيف، وقوله جل أسمه {إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون} روى عن الحسن أنه قال اتقوا الله جل وعز فيما حرم عليكم وأحسنوا في أداء فرائضه. انتهت سورة النحل. اهـ.